نبذه مختصرة عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم .. اختلف المؤرخونَ وكتَّاب السيرةِ النبوية بوقت مولد النّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك لعظمتهٍ ومنزلتهٍ, فمن مواضعِ الإتفاقِ مثلما أفاد ابن القيم: لا ضد أنه ولد صغير -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجوفِ مكّة، وأن مولده كان في عامَ الفيل”, حيثُ أثبت كميات وفيرة من المؤرخين أنَّ رسول الله وُلد في مكةَ يوم الإثنين في شهر ربيع الأول من عام الفيل، وهو الذي يوافقُ شهر أغسطس من عام 570م .

وقد روي عن والدي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: “وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ؟ أفادَ:هذا يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، آو أنزل علي فيه” أما الشهر واليوم ففيه نقيضٌ كبيرٌ, غير أن الإفتراض الذي اختاره العديدُ من العلماءِ أنَّ هذا كان في صباحِ الإثنين في اليوم التاسع من ششهر ربيع الأضخم الذي تقبل اليوم العشرين من نيسان سنة 571م، وهو يوافق السنة الأولى من مصيبة الفيل

 

نبذه مختصرة عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

لا يبقى ضدٌ بين العلماءِ بأنَّ مقر إنجاب النبي الكريم في مكة, وذهب كثير من المؤرخينَ بأنَّ آمنة فتاة وهب -أمّ النبي- قد ولدته في دار عمِّه أبي طالب, بشعبِ بني هاشم في مكَّة, وقد كان عبدالله والد النبيِّ قد تُوفيَ قبل ولادتهِ, وهنالك قليل منُ الأقوال تشيرُ حتّىَّ المقر الذي ولدَ فيه النبي قد أقيمَ فوقه حوارًا مكتبة في مكة المكرمة, غير أن ذلك لم تثبتْ صحته في كتب السيرةِ والتاريخِ الموثَّقةِ.

ما هي الإرهاصات التي سبقت مولد النبي

الإرهاصاتُ هي العلاماتُ المُهيِّئةُ والتي تُعطي إِرمز ودلالة لاقتراب ميلادِ النبيّ الكريم, وقليل منُ هذه الإرهاصاتْ قد وردَت في التوراة والإنجيل, وكان اليهودُ يَعرفونَ ذاكَ وينتظرونه, وقد رأوا تلك العلامات, ما يدلُّ على عَظمةِ ذلك الحدث الذي غير مجرى التاريخ, ومن هذه الإرهاصات

ارتجاج إيوان كسرى وخمود نار فارس

بما أنَ ليلةَ وُلدَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ارتجَّ إيوان كسرى، وسقطتْ منهُ أربعَ 10َ شُرفة، وخَمَدت نارُ فارسٍ ولم تخمدْ قبلَ ذاكَ بألفِ عامٍ، وغاضتْ بحيرةُ ساوةَ، ورأى الموبذانُ إبلًا صِعابًا تتزعمُ خيلًا عُرابًا قد قطعتْ دجلةَ وانتشرتْ في بلادِها، فلما أصبحَ كِسرى أفزعهُ ذاكَ، فصبرَ تَشجعًا فوقه.

ورأى أن لا يخفي هذاَ عن مرازبتهِ -عظماءُ دولته- فجمعهم، ولبسَ تاجه وجلسَ على سريرهِ، ثم أرسلَ إليهم، فلما اجتمعوا عندهُ، صرح: تدرون في حين بعثتُ إليكم؟ قالوا: لا، إلَّا أن يخبرنا الملكُ، فبينما هم كذلكَ إذ ورد عليهم كتابٌ بخمودِ النيران، فازداد غمًّا إلى غمهِ، ثمَّ أخبرهم ما رأى وما هاله, و كان قدَ ذلك مُؤذناً بسقوطِ جمهوريةِ الفرسِ وانهيارها عقب فترةٍ زمنيةٍ وجيزةٍ

حادثةُ الفيل

ذكرَ المؤرخونً وأصحابُ كتبِ السيرِ أن أبرهةَ الأشرم الحبشيّ كان نائبًا ل النجاشي على دولة اليمنِ وقد كان نصرانيًا، فرأى العربَ يحجونَ إلى الكعبة ويعظمونها، فساءهُ ذاكَ ولم يعجبه، فجهَّز قوات مسلحةًا عارمًا، وانطلقَ بالجيشِ قاصدًا البيتَ العتيقَ يرغبُ هدمهُ وتدنيسهُ، وقد كان من جملةِ دوابهم التي يركبونَ فوق منها الفيل -الذي لا تعرفهُ العرب ُبأرضها من قبل- فأصابَ العربَ رهابٌ بالغٌ فهم لم يعتادوا قتالَ الفيلةِ من قبل

 

وقد تحصَّن سكان مكة في أعالي الجبالِ حتى يحتموا بها ولم يقاوموا الجيش أبدًا، وراحوا ينتظرونَ ما الذي سيحلُّ بأبرهةَ وجيشهِ إذا ما هاجموا الكعبة المشرفة, لعلمهم مرتبةَ المنزلِ الحرامِ, وعلمهم أنَّ الله سيدافع عن منزله الحرام

 

فلمَّا باتَ أبرهةُ عبَّأ جيشهُ، وهيّأَ فِيلهُ لدخولِ مكةَ، فلمَّا كان في وادي مِحسَر الواقع بين مزدلفةَ ومِنى أرادوا من الفيل أن يتقدَّمَ فبَرَكَ ورفضَ المسيرَ، ولم يقبَل التقدُّم باتجاه مكة، غير أنَّهم كانوا يوجِّهونه إلى الشرق أو الجنوب أو الشمال خضع لهذا وتقدَّم، وإذا عادوا ووجَّهوه إلى الكعبةِ امتنعْ واستعصى على التحرُّك، وفي حين كان القوم على هذه الوضعية، أرسلَ عليهم الله سبحانه وتعالى طيرًا أبابيل من السماء، ومعنى أبابيل أي: يتبع بعضها قليل منًا، وقد كان مع كل طائرٍ ثلاثةُ أحجارٍ، صخر في مِنقاره وحَجران في رِجليه، لا تُصيبُ من ضمنهم أحدًا سوى تقطعتْ أعضاؤهُ وهلك

أمَّا أبرهةُ ولقد أصابهُ الله بداءٍ لدى عودتهٍ لليمن، فتساقطتْ بسببهِ أناملهِ، وانصدعَ صدرهُ عن قلبهِ فهلكَ شرَّ هِلكة، وقد أخبرَ الله سبحانه وتعالى عن هذاَ في كتابهِ فقال: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ* تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ,[١١]وقد حدثتْ تلك الحادثةُ في شهرِ محرَّم قبل مولدِ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بحوالي 50َ يومًا، ويوافق ذلك شهر فبراير من سنة 571م

نور أضاء ما بين المشرق والمغرب

كانَ من المبشرات بنبوةِ نبينا محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنهُ حالَما حملتْ به أمهُ رأتْ في منامها أنَّه خرجَ منها نورٌ بلغَ الشامَ, ومما يُروى في كتبِ السيرِ عن والدتهِ أنها قالتْ: “فلما فصلَ مني خرجَ برفقتهُ نورٌ أضاءَ لهُ ما بينَ المشرقِ والمغربِ، ثم حدثَ على الأرضِ موثقًا على يديهِ، جاثيًا على ركبتيهِ، رافعًا رأسهُ إلى السماءِ”، وقالتٌ أيضاً: “وولدتهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نظيفًا طيبًّا ما بهِ منْ قَذرٍ؛ ليسَ كَما تُطفل السَّخل”.

وجاءَ في الحديثِ: “إني لدى الله لمكتوب خاتم النبيين وآن آدم لمنجدل في طينته سأنبئكم بأول أمري طلب والدي إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي رأت حين ولدتني كأنها خرج منها نور اضاءت له قصور الشام”