بحث عن المأمون وسياسته … شهدت عصور الخلافة العربية منذ بدايتها الأولى وجود العديد من الخلفاء الذين أثبتوا جدارتهم في تسيير دفة التقدم، وأحكموا سيطرتهم فوقها وأمنوا حدود الجمهورية، وزادو من ازدهارها على جميع الأصعدة، ومن هؤلاء الخلفاء المأمون، الذي سنقدم لكم بحثًا عنه.

مقدمة بحث عن المأمون

أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد، وهوالخليفة السابع من خلفاء بني العباس، حيث غلام عام 170هـ، وتوفي في 19 رجب من العام 218هـ، وقد شهد عهد المأمون ازدهارًا بالنهضة الفكرية والعلمية في العصر الأضخم للجمهورية العباسية، وذلك لأنه أسهَم فيها بشخصه، وبعد موت والده هارون الرشيد سنة 809م تمّ إنتهاج البيعة للأمين بحسبًا لوصية أبوه التي منصوص بها على أن يخلف المأمون أخاه الأمين، غير أن الأمين سرعان ما خلع أخاه من ولاية العهد، إدراكّن نجله موسى الناطق بالحق وليًا للعهد، ولما معرفة المأمون بأن أخاه خلعه عن ولاية العهد أخذ البيعة من أهل خراسان، ثم توجه لمجاربة أخيه بجيش ضخم، واستمرت الموقعة بين الأمين والمأمون فترة أربع سنوات، حتى تمَكّن المأمون محاصرة بغداد والتغلب على الأمين وقتله سنة 813م، وإستطاع أن الظفر بالخلافة.

 

بحث عن المأمون وسياسته

قرأ الأدب والعلم والأخبار ووعلوم الأوائل والعقليات، ووجّه بتعريب كتبهم، وفوق جبل العاصمة السورية دمشق عمل الرصد، ودعا إلى القول بخلق القرآن الكريم، وسمع من: هشيم، ويوسف بن تبرع، وعبيد بن العوام، وطائفة، وأبي معاوية،، وروى عنه: نجله الميزة، وعبد الله بن طاهر الأمير، ويحيى بن أكثم، وأحمد بن الحارث الشيعي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، ودعبل الشاعر، وقد كان من رجال بني العباس حزمًا وعزمًا وعقلًا ورأيًا وحلمًا وهيبةً، ومحاسنه وفيرة في الجملة .

ويُقال: كان حسن الوجه، أبيض ربعة، تعلوه صفرة، قد وخطه الشيب، وقد كان طويل اللحية، ضيق الجبين، أنظارًا، على خده شامة، وطوال تواجده بمرو أتته مصرع أبيه، وكان عمومًا لغزو ما خلف النهر، فبايع لأخيه الأمين من قبله، ثم جرت بينهما شؤون وخطوب ومعارك وحروب طاحنة، أدت إلى أن قتل الأمين، ومن ثم بايع الناس المأمون في أول أول أيام العام ثمانٍ وتسعين ومائة.

اقراء ايضا : الذي قتل الخليفة عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ هو عبدالرحمن بن ملجم أبو لؤلوة المجوسي مسيلمة الكذاب أبو لهب عبدالعزى

خلافة المأمون

تميز المأمون بسياسته عن طريق جمع المواقف المتناقضة التي يصعب التوفيق بينها، إذ كان يميل إلى العلويين تارة ثم إلى الحصان تارة أخرى، وبذلك يميل إلى أهل الجماعة والسنة، ولقد تمَكّن بواسطة مرونته السياسية أن يرضي جميع الأحزاب وأن يضم المواقف المتناقضة ويتغلب على أكثرية الصعاب، وقد إتخاذ البيعة في خراسان حينما كان حاضرًا فيها، ولذا لم ينتقل إلى بغداد مركز الخلافة العباسية، إذ آثر أن يظل مقيمًا لبرهة ست ستوات بمدينة مرو بخراسان، ثم انتقل بعد ذلك إلى بغداد عام 204هـ، ويقال إنّ حجة هذا هو خشية المأمون من أهل بغداد أنصار شقيقهُ الأمين، وقيل أيضًا إنّ وزير ابمأمون الميزة بن سهل هو من أقنعه بالعيش في خراسان، وذلك كي تكون مقر البلد بين الجواد.

 

عصر خلافة المأمون

براعة عصر المأمون بأنه عصر العلم، حيث يقال لو لم يكن المأمون خليفة لصار أحد أكثر أهمية علماء عصره، وإنّ العلم انهزم تفرغ المأمون، بلّه فاز مئات العلماء الذين رعاهم المأمون، إذ كان من القليل الوجود أن يضطلع بـ دفة الحكم عالمٌ فينصف العلم والعلماء، وكان من أجود حكام بني العباس وأكثرهم حكمةً ورجاحة بالفكر، وقد تبحّر في علوم الفلسفه وعلوم القرآن الكريم وقد كان محبًا للعلم جدًا فدرس الكمية الوفيرة من المذاهب، وتميز زمنه بأنه الزمن الأكثر قراءة، وفي في وقته سيطرّ السكينة بين العرب والروم مما ساعد بثبات البلد وتزايد دخلها ونتشار العلم، وكل ذاك أسفر عن إنشاء العدد الكبير من المكتبات والمستشفيات وشجع على أصدر العلم.

 

النهضة العلمية في فترة حكم المأمون

شهد عصر خلافة المأمون نهضة حضارية عارمة، فقد كان محبًا للعلم والأدب وكان عالمًا وشاعرًا وأديبًا، يحب الشعر والشعراء ويجالسهم ويشجعهم، وكان معجبًا بالأدب والبلاغة، مثلما كان هناك نصيب عظيم للفقه من اهتمامه، وكان الأدباء والعلماء والفقهاء لا يفارقونه في سفر أو حضر، وقد أعطى الشعر دفعة معنوية ذات بأس نتيجة تشجيعه للشعراء، مثلما تطورت الآداب والعلوم والفلسفة والفنون نتيجة تشجيعه لهذا، وانبعاث زاهر للحركة العلمية والأدبية، ونهضة فكرية متميزة وضخمة امتد صداها من بغداد إلى جميع أرجاء المعمورة، خسر شيّد المأمون أفادًا حضاريًا عظيمًا، وأعطى العلم دفعة صلبة ظلت آثارها واضحة للعديد من القرون.