طقوس يوم عاشوراء عند الشيعة .. أحيا الملايين من المسلمين بخصوص العالم ذكرى يوم العاشر من شهر محرم الذي إلتقى يوم الـ10 من محرم.

ويصادف يوم عاشوره ايضاًً اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي حفيد الرسول في حرب كربلاء، لهذا يعتبره الشيعة يوم عزاء وحزن. وهو يوم عطلة حكومية في عدد محدود من دول الوطن العربي والإسلامية.

طقوس يوم عاشوراء عند الشيعة

وتجمع الملايين من الشيعة بخصوص العالم في المراقد والمساجد يوم الخميس إحياء لذكرى يوم عاشوره، وتوافدت جماهير عارمة من جميع مناطق العالم على بلدة كربلاء العراقية في ذكرى مقتل الإمام الحسين.

وقد كان قوات مسلحة يزيد بن معاوية قد حاصر الحسين بن علي وأنصاره في اليوم الأضخم من شهر محرم في صحراء قرب كربلاء. وفي الـ10 من الشهر سقط الحسين مقتولا في حرب دارت بعدما رفض نشر وترويج البيعة ليزيد. وقُطع رأس الحسين وأُرسل إلى العاصمة السورية دمشق عاصمة سوريا السورية بسوريا ترتيب الخلافة الأموية، وقد كان هذا في سنة 680 ميلادية.

وطوال الأيام العشرة الأولى من محرم تتم إقامة المجالس الحسينية وتسيّر المواكب لاستذكار الحدث وإظهار تعابير الحزن بالبكاء وصفع الصدور.

مثلما تمارس عادات أخرى تحتوي مسرحة الحدث، إذ تتيح عروض في الرياح الطلق تدعى “التشابيه” تحكي فاعليات مناسبة كربلاء وتعتبر شخوصها الأساسية وتحضرها أعداد عديدة من الناس.

وتحتسب هذه المجالس والمواكب من أكثر العادات عند الشيعة، حيث يتفرجون أن لمقتل الحسين دورا في توطيد الدين وديمومة المعتقد، لما يمتلكه من شاهد على الاستقرار على المبدأ والمطالبة بالحق.

مثلما تكثر مشاهد جلد النفس وشج الدماغ في إطار هيئات خارجية إحياء الشيعة لذكرى مقتل الإمام.

ورفعت جماهير من الشيعة السيوف. وشجت رؤوس الشيوخ والأطفال بآلات لاذعة، وتدفقت الدماء من الرؤوس على الثياب البيضاء.

وصرح واحد من المشتركين ويسمى حيدر غداة “الدم شيء بسيط على الحسين. جميع الأشياء بسيط على الحسين. الحسين نقدم له أرواحنا. نقدم كل ما نملك”. وتابع “نقدم أرواحنا.. بيوتنا.. جميع الأشياء نعطيه للحسين في طريق الشفاعة يوم الورود”.
اغتيال الذهن

شرح عالم اللقاء الكندي ايرفينغ غوفمان أنّ الناس كائنات طقوسية بجميعّ امتياز ولا يمكن لهم العيش جميعا سوىّ على يد عادات تنظم مبادلاتهم الشكلية المتغايرة. فالمجتمع مسرح متكرر كل يوم تُّؤدّى فيه الأدوار منتظمة بحسب أعراف تفاعلية لا تستقيم الحياة الجماعية دونها.

ويعني الأحوال الجوية عدد من “النُّظُم” التي تنتظم بها أعمال الجماعة، إمّا أثناء تأدية شعائرها التي تعدّها مقدّسة وإما عن طريق تحضير أنشطتها الاجتماعية والرمزيّة وضبطها بحسب “طقوس” منتظمة في الوقت والمقر.

وتشير لفظة “أحوال جوية” إلى الطريقة التي ينهيّ بها تأدية النشاطات المقدّسة وتنظيمها.

وفي اللغة العربية يشتمل على أكيد “الأحوال الجوية” المغزى على “المنسك”. واقترن مدلول المنسك في اللغة العربية بما يدلّ على الإجراءات المقدّسة التي تدخل المؤمن في ظرف القداسة وتجعله يؤتي مناسكه التعبدية، ويحيل ايضا على المراسيم التي تنجز في إطار التعاليم الدينية للدخول في محاولة القداسة.

فلا فرق مثلا بين لقاء الآلاف من المسلمين في شعيرة فريضة الحجّ أو اجتماعهم في عاشوره أو التقاء جماعات من اليهود في الكنائس للاحتفال بذكرى “الذهاب للخارج” أو مقابلة الأقباط للاحتفال بأحداث عاشها المسيح.

وتقوّي جميع تلك الاحتفالات الأعراف التي تصاحبها العواطف الجماعية وتتعهّد الدراية الجمعي بالتقوية، مثلما تدعم تبعية الأشخاص إلى الإطار الديني والاجتماعي والسياسي الحاضر. ولا تمثّل الأعراف في مختلفّ تلك الأمثلة هدفا في نفسها، لكن تدرك تكلفتها- كل تكلفتها- من شغل التعبئة والتجييش التي تلازم المبادرات الجماعية وخاصّة الاحتفالية والدينية منها.

فقد في وقت سابق لعالم المواجهة الفرنسي إميل دوركايم أن أكّد مثل تلك الحقيقة في مؤلفه “الأنواع الأولية للحياة الدينية” فقال “يتشكّل عند الأشخاص عن طريق حضورهم الجماعي إعتداء من الإحساس الجمعي الجيّاش لا يدركونه وهم في حالتهم الفردية”.

وتخص العادات كثيرا ما بالأعراف والتقاليد والقصص والأساطير، وتختلط بالشعائر الدينية، إذ تصعد إلى درجة ومعيار العقيدة، مثلما أن من أكثرِّ خصائصها أنها تميل إلى التتالي والاستمرارية، بهدف تكريس ديمومة الأحوال الجوية وإعادته في مختلف حادثة مثلما كان في السالف.

وقد تطرق الطبيب النفسي الاجتماعي إرك فروم إلى الجذور النفسية للطقس الذي هو في الخاتمة تعبير رمزي عن الأفكار والأحاسيس التي تبدو في سبيل التصرف، ومهما تكن العوامل دينية أو اجتماعية فهناك عوامل أخرى لا متيقظة تتداخل برفقتها.

ويؤكد قليل من المحقِّقين أن العادات تجسد قناة مأمورية يلتجئ إليها الشخصيات في أحوال الاستغلال والكبت الاجتماعي، مثلما هو الشأن في جموع جماعات الأقلية أو المنبوذة أو المهمشة: كحال الشيعة، ويحدث ذاك- مثلما يشاهد هؤلاء الباحثون- بفضل دور تلك العادات في إعزاز الشأن السيكولوجي للشخصيات إلى معدّل واقع مركزهم الاجتماعي المنخفض في قليل من دول الوطن العربي من منظورهم الفكري والاجتماعي.

وتؤسس هذه الأعراف عن طريق التوالي المنتظم لمجتمع يمتاز بالخصوصية المطلقة والتي غير ممكن برفقته التناغم أو التآلف مع أي محيط لا يشركه الإفتراض في هذه الأعراف، وذلك التوالي لهذه الأعراف يدشن ويرسخ المعتقد في العقل والبدن، وهذا وفق ما يسميه علماء المقابلة؛ التطبع، لاسيما وأن هذه العادات مملوئة بالشحنات الروحية والوجدانية، وبواسطة هذا التتالي المنتظم تحدث نشاطات التنشئة ونشاطات الاكتساب والتلقين الثقافي والعقائدي، الشأن الذي يشارك في توطيد القناعات والميول في الذات أو المجتمع.