موعد يوم عاشوراء 2022 في المغرب … إن شهر محرم ليس فقط الشهر الأول من العام الهجري، لكنه يُسمى ايضاً بـ “شهر الله المُحرم”، ويعد صيام النافلة في ذاك الشهر من أعظم الصيام بعد صوم شهر رمضان. ويؤكد هذا المحادثة السليم اللاحق:

موعد يوم عاشوراء 2022 في المغرب

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏ “‏ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ‏”

(النسائي: 1613)

 

 

أيضاًً، شهر محرم من الأربعة أشهُر الحرم في العام الهجري. كما يقول الله (سبحانه وتعالى) في القرآن:

 

“إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”

(سورة التوبة 9:36)

 

 

والأربع شهور التي ذُكرت في الآية هي: صاحب القعدة، وذو العلة، ومحرم، ورجب. ويبرهن أن ذاك الموضوع حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) في دافع الوداع:

 

‏‏‏‏‏‏عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ‏‏‏‏‏‏عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ‏‏‏‏‏‏قَالَ:‏ ‏‏‏ “الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ‏‏‏‏‏‏ثَلَاثَ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ، ‏‏‏‏‏‏وَذُو الْحِجَّةِ، ‏‏‏‏‏‏

وَالْمُحَرَّمُ، ‏‏‏‏‏‏وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”
(صحيح البخاري: 3197)

يوم عاشوراء 2021 في المغرب

ليوم عاشوره لدى المغاربة مكانة خاصة تتفاوت عما هو عند أية دولة إسلامية تحتفل بذاك اليوم، ويوم الـ10 من محرم الحرام وفق الكثير من المناشئ شهد أحداثا ضخمة أكثريتها له دلالات دينية لدرجة قد يحتار العقل كيف كتب لجميع هذه الوقائع أن تقع في اليوم الـ10 من محرم، ومما يروى عن ذلك اليوم كونه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من المركب، وفيه أنقذ الله حاذق إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب

 

وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده و نجى موسى وبني إسرائيل، وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه، وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلوى وهو اليوم الذي قتل فيه حفيد النبي وثالث أئمة آهل المنزل الإمام حسين بن علي في كربلاء . نظرا لما لهذا اليوم من إرساليات دينية فالمغاربة جعلوا ذلك من ذلك اليوم ملتقى لكل التناقضات :الفرح والحزن، والماء والنار، العبادة والشعوذة،الالتزام والحرية، السنة والشيعة …. فأين يتضح كل ذلك في احتفالات المغاربة بعيد العاشر من شهر محرم :

أبرز احتفال دون عطلة : المغاربة لا يعتبرون العاشر من شهر محرم عيدا دينيا رسميا لأن الأعياد الدينية في المغرب ثلاثة (عيد الفطر، العيد الكبير وعيد المولد النبوي ) كما أن يوم 10 محرم ليس يوم عطلة ومع ذلك وعى يولون هذا اليوم منزلة لا يحظى بها غيره من الأعياد الوطنية والدينية خاصة عند المغاربة،تمتلئ المتاجر توزع الزكاة تملأ الاحتفالات، وقد تدوم تلك الاحتفالات طيلة عشرة أيام الأولى من محرم ( العواشر ) في الليل وفي فترة النهار تتعطل فيها العدد الكبير من الأعمال ويكثر فيها الرواج التجاري،

الماء والنار : ما يميز العاشر من شهر محرم لدى المغاربة (الشعالة ) و ( زمزم) ليلة 9 محرم يكمل إشعال النار في غير مشابه الأحياء والمداشر في المدن والقرى، وعندما كنا صغارا كنا نستعد للشعالة منذ فاتح محرم بجمع الحطب وأفرع الأشجار البرية : يجتمع صبيان وفتيان وشبان الدوار ويصعدون المنطقة الجبلية ولقطع أغصان الأشجار ( السدر والطلح والزيتون البري ..) نقفل عائدين للدوار يرددون عبارات مثل ( طايفة تنتقل مشيا وتجي على مدفن مولاي علي )

 

وليلة التاسع من شهر محرم تخرج القبيلة عن بكرة أبيها للاستمتاع بالشعالة والتباهي بأضخم شعالة وبمن يمكنه القفز عليها أولا والعمل على إطالة أمدها مشتعلة وكثيرما كنا نسمر بالقرب منها إلى أوقات متأخرة من الليل، وفي صباح اليوم الموالي ينقلب الحال من النار إلى الماء (زمزم) وهو جو لا صلة له بالبئر زمزم وإنما هو طقس دأبت فوقه غفيرة مدن وقرى بالمغرب وسمحت فيه للناس ببخ بعضهم البعض بالماء : فمن الأمهات من توقظ أطفالهن برشهن بالماء، وقد يبدأ التراشق بالماء ضِمن الأسر أو بين الجيران قبل أن تنتقل عدواه لكل الأزقة والمسارات وقد يتخذ طراز تحرش بالفتيات والنساء خاصة وقد يغير إلى انتقام من بعضهن، فترى المياه تصب على المارة من فوق السطوح أو من النوافذ ….

الفرح والحزن : لو كان يوم عاشوراء في عدد من البلاد والمدن المشرقية مرتبط بالحزن والبكاء (عند الشيعة خاصة الذين يعتبرونه يوم العزاء في الحسين ) فإن المغاربة يمزجون بين الفرح الحزن في تلك الواقعة : يظهر الحزن في قليل من الأهازيج التي تبكي على ( بابا عاشور) الذي ذهب ليصلي وسقط في النهر (بابا عاشور مشى يصلي وداه الواد ) وترك كالعذارى تبكي فوق منه ( واحي على عيشوري،عليك نتفت شعوري، وشعوري قد النخلة = آه عليك يا عاشور بكاء عليه نتفت شعري ) مع المغزى أن الحريم كن يشخصن بابا عاشور في طراز قصبة مزينة بلباس امرأة وقد تتجلى قليل من هيئات خارجية الحزن في زيارة المدافن إلا أن حزن المغاربة منحصر في التغني والأهازيج ليس إلا، إذ أشكال الحياة أيام عاشوراء تعج بالأفراح

 

والهدايا والآكل وتزين الحريم بالكحل وبأحلى الملابس ويخضبن أيديهن وأرجلهن وشعرهن بالحناء ( عيشوري عيشوري وعليك دليت شعوري ) مثلما تغص الأزقة والمسارات في الليل وأثناء النهار بمجموعات من الشابات والشبان يضربون بالتعاريج والدفوف والبنادر يردون أغاني خاصة بالمناسبة، دون أن يفرض على البنات أي قيد أو إشتراط فالمناسبة حادثة حرية البنت (ذلك عاشور ما علينا الحكام أللا.. فعيد الميلود كيحكمو الرجال أللا…)

 

الصيام والأكل : ثنائية أخرى تميز عاشوراء بالمغرب هي الصوم والأكل ففي الزمن الذي يفضل فيه القلائل صوم يوم عاشوراء، يكون لليوم مأكولات خاصة إذ تمتلئ أماكن البيع والشراء بالتمور والفواكه الناشفة من تين وتمر وجوز ولوز وكاكاو وحمص وحلوى، وهذه الفواكه معروفة لدى عامة الناس في المغرب بـ“الفاكية”، ويخلق إقبال الناس على شرائها رواجا كبيرا حيث يعد اقتناؤها عند الأسر المغربية واحد من لوازم الاحتفال، ويعتبر استهلاكها وتفريقها على الأهل والجيران وأطفال الحي مظهرا من مظاهر الاحتفاء بعاشوراء. إضافة إلى الفواكه الجافة يتعلق المغاربة الموقف بأكلات خاصة أبرزها الذيالة والكسكس بسبع أخضاري، أو هربر والتريد والدجاج البلدي والرفيسة .والقديد والكرداس ووو…

 

الدين والشعوذة : بصرف النظر عن كون يوم عاشوراء يوم دين بامتياز فإنه يعلم أيضا حضورا كبيرا على الشعوذة والسحر، فإن كان الدين يظهر في الصيام وإخراج الزكاة (تزكية المال والأنعام بالتصدق بعشر الأموال التي مر أعلاها بخصوص كامل ) فإن أشكال السحر والشعوذة في ذلك اليوم مختلفة إذ يكثر التوافد على العطارين وبائعي البخور، وتكون الشعالة واقعة للإحياء بعض تلك العادات ”.حيث تستغل عدد محدود من النسوة هذه الاحتمالية بالذات من كل سنة ليلقين مواد غريبة في النار المشتعلة، وتكون كثيرا ما متمثل في بخور ووصفات تتضمن على طلاسم وتعويذات، حتى يكفل إتيان أهدافهن ويحققن مرادهن حتّى تحل عاشوره السنة الموالية، وأغلب تلك الإجراءات والصنائع السحريــــة تتركز إما رغبة المرأة في “ترويض’’

 

زوجها وإجباره على طاعتها، وإما البحث عن رجل بالنسبة لغير المتزوجة أو العانس إذ تلقي العانس جزءا من أثر الرجل الذي تريده زوجا لها (شيء من ثيابه أو شعر رأسه أو جسده، أو حبات تراب وطئتها قدمه..) في النار الملتهبة.. ومن الفتيات من يرغبن في كسب شَعر جميل وصلب، يدخلن طرفا من شعورهن في خاتم فضي، ويقطعن ما خصوصية منه، ويرمينه في نار”شعالة ويوم عاشورا هو اليوم المفضل لحرق ( الشرويطة ) ( والمغاربة يعرفون جيدا معنى الشرويطة

الشيعة والسنة : الأكيد أن عدد من المسلمين يدركون الأعراف الشيعية في هذا اليوم خاصة ما يتعلق بالحزن والبكاء على الحسين، و لو كان ذلك الحزن عند الشيعة يتخذ مظاهر تتخطى الحزن إلى جلد الذات، فإن في بلد سني كالمغرب يقتصر الحزن على الأهازبج وعدد محدود من أغاني المحتفلين، مع تواجد صلب لمظاهر الفرح، خاصة فرح الأطفال، فتكاد تكون عاشوراء موقف الأطفال بامتياز، ومناسبة تجمع بين احزن الشيعي، والفرح السني المفيد في قليل من مظاهره إلى عدم مشاركة الشيعة أحزانهم

الإسلام واليهودية : بصرف النظر عن كون عاشراء تظهر اليوم واقعة مرتبطة بالمسلمين والإسلام فهي حاضرة قبل الإسلام فقد أتى الإسلام ووجد اليهود يخلدون نجاة موسى وغرق فرعون بصيام عاشر محرم أفاد (ص) ( نحن أحق بموسى منكم)، ومن ثم فباحتفالنا بعاشوراء نحتفل بأعياد ديانات أخرى