تعرف على عقيدة محمد بن إسماعيل العمراني .. فقدت الأمة الإسلامية اليوم واحد من الأئمة الأعلام والفقهاء الكبار، إلا أن كبير علماء اليمن من دون منازع، ومرجعهم لدى التنازع، الشيخ القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، الذي يعتبر اليوم أشهر علماء جمهورية اليمن المعاصرين بشأن بالعلوم الشرعية والفقهية والدينية.

تعرف على عقيدة محمد بن إسماعيل العمراني

 

ترجل محمد بن إسماعيل العمراني الشيخ الكبير والعالم الفذ المجدد الفقيه الموسوعي، حيث لقي ربه يوما ما من أيامه الضخمة، في عشر ذي التبرير المباركات البيانات. وكان الشيخ يحرص في تلك الأيام أن يكون مع جموع حجاج منزل الله الحرام، ليعلمهم ويفقههم ويفتيهم..ولم يفارق جامع الزبيري، حتى وهو سقيم، بل كان يغادر للناس، ويبلغ أمانة العلم. ويختلط بهم بوجهه الإخلاص وثغره الباسم.

العالم الإسلامي ينعى الشيخ العمراني

 

ونعت وزاة الوقف الإسلامي اليمنية العلامة المجتهد والقاضي محمد بن إسماعيل العمراني مفتي الدولة، الذي وافته المنية فجر اليوم الإثنين الثاني عشر تموز 2021 الموافق للثاني من ذي الحجة 1442عن عمر ناهز المائة عام.

وأتى في خطبة الوزارة “ذاع صيت الفقيد، وانتشر علمه، واتسع تدريسه، حتى أمسى واضحًا بين أقطار المسلمين وفي أصقاع الأرض”. كما تحدث الخطاب عن الإسهامات العلمية للمفتي الراحل الذي عمل في القضاء وفي مجال المدارسة والتعليم، وفي حلقات المساجد منذ وقت مبكر من وجوده في الدنيا وحتى موته، واستطاع على يد العمل في تلك الساحات كسب ثقة الحشود التي توافدت إليه من ضِمن جمهورية اليمن وخارجها مناشدةًا للفتوى.

وتابع الكلام “برحيل العلامة المجتهد القاضي محمد بن إسماعيل العمراني تخسر الساحة الفقهية والقضائية والدعوية مرجعية علميّة معتبرة، وعلَما من أعلامها الكبار، إلا أن عزاءنا أنه قد خلف من بعده مئات العلماء السائرين على دربه، على امتداد ربوع دولة اليمن والعالم الإسلامي”.

مثلما نعى التحالف الدولي لعلماء المسلمين القاضي الراحل، واصفًا إياه بالقاضي العلّامة وأحد أبرز علماء اليمن المعاصرين ومرجعيتهم فيما يتعلق بالعلوم القانونية والفقهية. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نعى الآلاف من المغردين القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، مستذكرين مآثره وإسهاماته العلمية وجهوده في ميدان الإفتاء. كما تداولوا كليبات سابقة له يحكي فيها عن سيرة عمره ويوجه إرشادات لليمنيين والمسلمين.

 

من هو الشيخ العمراني

 

هو أبو عبد الرحمن محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن حسين بن صالح بن شائع العمراني اللقب، الصنعاني المولد والنشأة (22 كانون الأول 1921 – 12 يوليو 2021)، فقيه وقاض يمني، ومفتي الجمهورية الفائت وأحد كبار علمائها ومشائخها.

ولد في العاصمة اليمنية صنعاء القديمة من منزل دراية وقضاء، وكان في عمره العلمية يميل إلى الاجتهاد، ولم يتعصب لمذهب معين في حياته.

اشتهر القاضي محمد بن إسماعيل بـ (العمراني) مع أنه صبي ونشأ وتربى وتعلم في العاصمة اليمنية صنعاء، وحافز اشتهار لقبه بـ (العمراني)، لأن أصل أسرته من مدينه عمران، وأول من انتقل من أسرته إلى العاصمة اليمنية صنعاء هو جده القاضي/ علي بن حسين بن حسَن بن دارج العمراني، في فترة حكم (1139هـ-1161هـ)، وهذا الجد هو أول من استوطن صنعاء عاصمة اليمن في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية -على صاحبها وآله أجدر الدعاء والسلام- وهو أول من قرأ العلم من تلك الأسرة.

وصارت كلمة (العمراني) درايةًا بالغلبة عليه وعلى ذريته إلى يومنا ذلك، وهم لا يعرفون من دون تلك الكلمة بكون معقل الأجداد الأقدمين، وإلا أدرك في وقتنا الجاري من أهل مدينة صنعاء.
أسرته ومنزلته العلمية

أسرة القاضي محمد بن أسماعيل العمراني عائلة راسخة في العلم ضاربة جذورها في الميزة والصلاح والقضاء، وأجداده قد ساهموا في عرَض العلم واجتهدوا في هذا تعليمًا وإرشادًا وتأليفًا. وجده القاضي العلامة محمد بن علي العمراني كان من أفضَل طلاب شيخ الإسلام القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني، وقد صرح عنه الشوكاني في البدر الطالع: “برع في مختلف العلوم الاجتهادية، وبات في عداد من يعمل بالدليل ولا يعرج على القيل والقال، وبلغ في المعارف إلى مكان جليل، وهو الشديد العقل فوري الإدراك جيد الوعي ثاقب البصر، يقل وجود مثيله في ذلك العصر مع تواضع وإعراض عن الدنيا وعدم اشتغال بما يشتغل به غيره ممن هو دونه بمراحل من ترقية المنفعة وليس ما يشابه المتظهر بالعلم، كثر الله منافعه ونفع بعلومه، وقد سمع عليّ غالب الأمهات الست وفي العضد والكشاف والمطول وحواشيها وغيرها من الكتب”.

والقاضي محمد بن علي العمراني عبرة لأشخاص هذه العائلة الراسخة في العلم والصلاح الذين كانوا بين أقوامهم وفي مجتمعاتهم كالنجوم بين معاصريهم من العلماء وكمصابيح الهدى في العلم والفضل والصلاح والتصليح.

دراسته وحياته المبكرة

 

توفي أبوه وهو في الرابعة من حياته، وكفلته أمه ثم التحق بالمدرسة الابتدائية ودرس كتاب الله الخاتم، وحصل على شهادتين: شهادة من مدرسة الفليحي، وشهادة من مدرسة الإصلاح، ثم ذهب لدراسة في الجامع الهائل، وتلا ثمة المتون كمتن الأزهار، ومتن الوافي في المصادر، وملحة الإعراب، وألفية ابن مالك، وغير هذا، ثم درس على يد جماعة من علماء جمهورية اليمن كثيرين كالسيد عبد الكريم بن إبراهيم صاحب السمو الأمير، والسيد عبد الخالق صاحب السمو الأمير، وقرأ أيضًا على القاضي عبد الله الجرافي، والقاضي عبد الله السرحي، وعلى القاضي أحمد الكحلاني، والقاضي حسن المعزبي، والقاضي يحيى بن محمد الإرياني أب القاضي عبد الرحمن الإرياني الذي كان رئيسًا للبلد، والقاضي علي بن عبد الله الآنسي، وجماعة من علماء العاصمة اليمنية صنعاء كالقاضي عبد الوهّاب الشماحي أكبر علماء جمهورية اليمن في المذهب الزيدي، ثم بعد ذلك مناشدة لتدريس في سن مبكرة في المدرسة العلمية وعمره كان خمسة وعشرين عامًا. وأجازة بالتدريس مجموعة من العلماء أولهم الشيخ عبد الممتد بن يحيى الواسعي مؤلف كتب الدر المتميز في مجمع الأسانيد والقاضي عبد الله حميد والقاضي عبد الله السرحي والسيد العلامة قاسم بن إبراهيم.