انقلاب 1969 معمر القذافي .. قبل اثنين وأربعين عاماً، استفاق العالم العربي عموماً وليبيا بشكل خاصً على مرأى وقوع الإطار الليبي واستيلاء مجموعة من الضباط الشبيبة على السلطة. كانوا ضباطاً مدفوعين بالأحلام الناصرية وبشعارات «صوت العرب» الشاهقة عن الوحدة والتخلص من النُّظُم الأجنبية والاستبسال في سبيل منفعة الموقعة القومية. لم تستمر القيادة الجماعية، بطبيعة الحال، عقب انتصار «ثورة الفاتح»، فالقائد أصبح «واحدا أحدا» اسمه معمر القذافي، ذو الحملة الأولى في إنشاء ترتيب الضباط الوحدويين الأحرار. ولم تستطع سبحة «الأحرار» الصمود حتى الآن نجاح الثورة، فالقذافي تنكّر لمبادئ هذه الأخيرة، ما صرف بشكل أكثر من «رفاق النضال» إلى التنازل عنه. وإن كانت السبحة خسرت أولى حباتها بعد أعوام قليلة، سوى ان الضربات الموجعة تلقاها القذافي أثناء ثورة «17 فبراير» الحالية، على مظهر انشقاقات «رفيعة المعدّل». وباختصار، لقد أثبتت خريطة الانشقاقات الزمنيّة هذه أن القذافي ظهر في الطليعة بصورة البطل «القوي التأدب الذي يكره البهرجة ويلقي التحية بالتحقيق مع أتحب عبد الناصر» (وفق مرافقيه) لضرورات عملية، عاجلا ما نزعها عنه.

انقلاب 1969 معمر القذافي

في اللاحق بعض الأسماء التي برزت إلى جانب القذافي أثناء الاستعداد للانقلاب وبعده:
عبد السلام جلود: كان عبد الطمأنينة من الرجال الأربعة الذين شاركوا في المواجهة الأضخم الذي عقده القذافي في الإجمالية العسكرية في السنة 1963، بهدف جدال فرصة ولادة تنظيم «الضباط الوحدويين الأحرار». وأمسى جلود حتى الآن تفوق الانقلاب الرجل الثاني في النظام، حيث استلم منصب ممثل رئيس مجلس قــيادة الثورة. وتولى العدد الكبير من المناصب الحكومية، كان أبــرزها رئاســة الوزراء من العام 1972 إلى العام 1977. إنتظر واستمر جلود من المحيطين بالقــذافي الذين يطلــق عليهم رجال الخيمة حتى أوائل التسعينيات، حيث حنق منه الأخير واستبعده بعد خلافات حادة أبقته قيد الإقامة الجبرية لأعوام متعددة.

مع طليعة ثورة «17 شباط» الحالية، استدعى القذافي جلود وطلب منه التوجه باتجاه بنغازي لتهدئة الشأن، إلا أن الأخير رفض في أعقاب اعتراضه على المجازر التي ترتكبها قوات الجيش مدعومة من المرتزقة، حتى أفصح انشقاقه عن القذافي مطلقاً السبت السابق.

عبد المنعم الهوني: هو الرجل الأضخم الذي فاتحه القذافي بنيته إستحداث التنظيم في العام 1963، وقد كان من ضمن الرجال الأربعة الذين حضروا الاجتماع. لعب الهوني دوراً بارزاً في زعامة ثورة الفاتح، ثم أصبح عضو مجلس زعامة الثورة الليبية ووزير الخارجية آنذاك. وفي السنة 1975، انشق الهوني عن النظام الليبي وطلب اللجوء إلى مصر، وذلك حتى الآن اعتراضه على الأسلوب الذي يدير به القذافي البلاد.

أبو بكر يونس: كان الرجل الـ4 الذي حضر المؤتمر التأسيسي. وتولى بعد فوز الانقلاب «أمانة اللجنة العامة المؤقتة للمدافعة» في ليبيا.
وبعد هذا المحفل الرباعي الذي ضمّ ما وصف بنواة حركة الضباط، انضم واحد خامس إلى الحركة هو سالم البوصير. وبالتالي دام العمل حتى العام 1965، إذ شاهدت اللجنة المركزية للضباط الوحدويين الأحرار النور. وأصر القذافي حينها على ان تكون اللجنة مركبة من 12 ضابطاً هم إلى الخمسة السابق ذكرهم، عمر المحيشي، بشير هوادي، الخويلدي الحميدي، مختار القروي، محمد المقريف، بدل إتلاف حمزة ومحمد نجم.
عبد الفتاح يونس: كان ليونس دور بارز في زعامة الانقلاب إذ تولّى مأمورية اقتحام «محطة إذاعة بنغازي» الرئيسية. أسندت إليه عقب ذلك مهمات عسكرية وسياسية متنوعة، إلا أن أهمها كان إستحداث «القوات الخاصة الليبية» التي استلم قيادتها في بنغازي لفترة 42 عاما. كما أُُسندت إلى يونس وزارة الداخلية التي واصلّ فيها حتى أعلن في 22 فبراير الفائت استقالته منها ومن جميع مناصبه، والتحاقه إلى ثورة «17 فبراير». وبرغم قيادته مجموعات جنود الثوار في المواجهة مع القذافي، فقد وقفت على قدميها عناصر تابعة للثوار باغتياله في 28 يوليو المنصرم.

خليفة حفتر: بقي أحدُ أعضاء مجلس قيادة «ثورة الفاتح» لبرهة طويلة، لكنه اختلف مع القذافي وغادر ليبيا إلى الولايات المتحدة وبقــي فيها لفترة 20 عاماً، قبل أن يصدق علىّر الرجوع إثر انــدلاع ثورة «17 شباط» ليلتحق إلى جيش الاستقلال الوطني. قاد حفتر الموقعة التي دارت بين ليبيا وتشاد، وكان ضمن مئات الضباط الليبيين الذين أسروا طوال إحدى المعارك العسكرية في السنة 1987. وفي نطاق سجنه، بدأ حفتر يقاد من قبل مساع مع أصدقاؤه العسكريين في مواجهة القذافي. وقد توجت هذه المساعي في السنة 1987 بالانخراط في الجبهة الوطنية لإنعاش ليبيا المعارضة للنظام الليبي، ثم تشكيل وقيادة الجيش الوطني الليبي.