حقيقة زوال اسرائيل 2022 بسام جرار pdf … ما كُتب عن نهاية إسرائيل ليس على أرض الواقع إلا تخمينات وتوقعات أشفعها أصحابها بنصوص قرآنية حتى يصدِّقها العرب والمسلمون الذين يُعرف هؤلاء إيمانُهم المصرح به بصدق كتاب الله الخاتم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من ورائه. إن المواضيع القرآنية في تفسيرات القدامى والمحدثين على سواء لا تحدد زمنا عما قريب ولا تقريبيا لنهاية إسرائيل ولا لنهاية أي كيان ديني أو سياسي أو إنساني، وما نقرأه في الأصول النصية حول ما يطلق عليه “الأيام الأخيرة” أو ما يسمى في المناشئ الفلكية “عاقبة العالم” ليس إلا تخيلات قد لا يتحقق بسيطُها ولا عديدُها.

لقد أولى قليل من المنقبين العرب والمسلمين اهتماما مبالغا فيه بما أسموه “خاتمة إسرائيل” في 2022 حتى إنهم استطاعوا إقناع الدهماء وحتى قليل من العلماء بأن المشاحنة العربي الإسرائيلي قد أوشك على نهايته بعذابٍ إلهي قاصم يُنهي أسطورة الكيان المغتصِب الذي أرهق العرب وأزهق الدم العربي، وذلك حق أريد به باطل، فاللهُ الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السموات قادرٌ على إلغاء إسرائيل وغيرها من الوجود بكن فيكون “إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون”، إلا أنه سبحانه وتعالى أراد أن يجرب إيماننا وصبرنا فابتلانا بسنَّة التدافع، فزوال إسرائيل لا يتحقق والعرب والمسلمون ألمُهم بينهم شديد وعدد محدود من حكامهم أشد ضراوة على محكوميهم من إسرائيل.

إن إسرائيل جمهورية معادية لنا ولكل أحرار العالم وعامتنا يطمح زوالها في الغد أو يوم بعد غد وقبل 2022، غير أن ثمة حقائق يقتضي أن نقف لديها، ومن تلك الحقائق ما ذكره أستاذي محمد الغزالي رحمه الله في كتابه “الإسلام والأوضاع الاستثمارية”، وهو يقدم مقاربة جيوسياسية تنمّ عن فراسة ودراية بالواقع إذ يقول في هذا الصدد: “إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوالُ أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الخيال والوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، وقبل أن يحصل على من شرفها غريب. إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد، وينتقص من مقدرتها على الصمود الرائعة، كفساد النفوس والأوضاع، وفقدان أشكال العدالة، واختلال موازين الاقتصاد، وانقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مضيَّع منهوك، وأقلها يبتهج في نعيم الملوك”.

لم أجد مشاهدة استشرافية تستشرف مستقبل التشاحن العربي الإسرائيلي كتلك التي كتبها أستاذي محمد الغزالي رحمه الله قبل سنين، فكل ما قاله يتحقق في الحقيقة وكأنه كان يراه رأي العين، فهل يمكن لأي محلل استراتيجي أن ينكر ما تكهن به محمد الغزالي من زوال بعض الأنظمة العربية لأنها كانت أنظمة فاسدة مستبدة، أليس ما تكهن به هو الربيع العربي بجميع فصوله وتفاصيله التي نعرفها؟ وجع نشهد انهيار إمبراطوريات سياسية سادَّرت وأفسدت وأغنت على حساب شعوبها فعاش حكامُها رافلين في التبر وشعوبهم تتقاسم حبات التمر لا تجد غيرها لتسد رمقها واحتوى بقاءها على قيد الحياة؟

لقد اكتسح الربيع العربي عدد محدود من الأنظمة العربية وبقيت إسرائيل لم ينتج ذلك بها ربيعٌ عبري ولم تتضرر من عاديات وارتدادات الربيع العربي، ليس لأنها كيانٌ معجِز ولا دولة تحرسها الرعاية الإلهية مثلما يزعم المتشددون اليهود، غير أن لأنها استفادت من التمزُّق والتفرُّق العربي واستغلت هذا لفرض وجودها وإطالة وجودها في الدنيا.

إن نهاية إسرائيل لا تتحقق سوى بجملة محددات وقواعد، منها ألا يتبدل أهل الحق إلى دعاة للباطل، وألا يتحول المتحدثون عن العدل العمري من العرب والمسلمين إلى مستبدين من الدرجة الأولى لا تنازعهم إسرائيل في استبدادهم وبُعدهم عن الإنصاف، ومن هذه الشروط ايضاً أن يفهم العرب والمسلمون ثمن التحالفات والتكتلات في زمن لا مكان فيه للمشتتين الذين يقاتلون على جبهات شتى وبتوجهات شتى.

إن قراءة الأوضاع السياسية وموازين الشدة العالمية يوحي بأن 2022 لن يكون بيقين عاقبة لإسرائيل لكن عاقبة لنا أو لأكثرنا من إبتهاج الحياة، فإسرائيل تتكاثر قوة ونحن نزداد ضعفا على ضعفنا لأننا رضينا وفرضنا على أنفسنا التهيؤات والوهن مثلما قال شيخي محمد الغزالي رحمه الله، ولأننا أو أكثرنا ينتظر ما تسفر عنه المفاوضات مع كيانٍ استيطاني وُجد ليناور لا ليحاور، فإسرائيل تهادن في جبهة وتثير في بمقابل ذاك في جبهة أو جبهات أخرى ورطة تتبعها أزمة.

إن القراءة الصحيحة للواقع تؤكد أن الاستكبار الإسرائيلي سيبلغ مداه في السنتين المقبلتين أي بحلول سنة 2022، والدلائل على ذاك وفيرة، أذكر منها أن إسرائيل حققت في السنوات الأخيرة مكاسب لم تحققها خلال تاريخها، خسر تمَكّنت إسكات الأصوات العربية الأكثر راديكالية كما تصفها التقارير الإعلامية العبرية، وضمنت ولو بصورة مقيدة اعتراف حلفائها باعتبارها قوة إقليمية في شمال أفريقيا والخليج لا غنى عنها لأي حل لمعضلة الشرق الأوسط.

إن القراءة الصحيحة للواقع تؤكد أن سنة 2022 سوف تكون سنة صهيونية بامتياز في حضور الصمت العربي المطبق اتجاه الصراعات والنزاعات التي تحدث في العالم العربي ولإسرائيل بكل تأكيد ضلعٌ فيها على يد مرتزقتها الذين يعملون على إحراق الفتيل في المجتمعات العربية دفاعا عن أمن إسرائيل.

إن قراءة موازين الشدة الدولية تفند ما كتبه قليل من المحللين من أن إسرائيل ستنهار بانهيار الجدار التابع للغرب المعزز لها، فعلى العكس من هذا يتكاثر هذا الجدار تماسك ورصانة في الزمان الذي يتهاوى فيه الجدار الداعم للفلسطينيين يوما بعد غد. قرأت كتاب بسام جرار “زوال إسرائيل عام 2022: نبوءة قرآنية أم صدف رقمية”، فلم أجد فيه جديدا يُذكر، فقد غطس الرجل في لعبة الأرقام ولم يستطع أن يضيف إلى معرفتنا بهذا الموضوع شيئا جديدا مبتكرا، وكانت لي اعتراضاتٌ عديدة على ما أتى في كتابه وعلى ما جاء في حوار أجرته برفقته صحيفة “دنيا الوطن” الفلسطينية إذ قال إن “ضعف أمريكا سوف يكون سببا في زوال إسرائيل”، وألحق: “إن التغييرات الجامحة في العالمين العربي والإسلامي ربما أن تجعل الغرب يقتنع بأن إسرائيل صارت حملا ثقيلا يتوعد مصالحه.. مقدِّلقي حتفه ضعف أمريكا بدأت منذ زمن طويل وذلك على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وأرى أن دخول أمريكا في معركة ضد أفغانستان والعراق سيأتي بنتائج عكسية كليا، ونتوقع أن يعاني الأمريكان بكثرة في المستقبل”.